EP50: Scientific Revolutions الثورات العلمية

Featured

تخيل انك طبيب أعصاب بدأت عملك في مستشفي العام بمدينة نيوورك بعد رحلة طويلة قضيتها في التعلم والبحث داخل معملك، خجول، منطوي، لكنك مشبع بالطاقة، النشاط، والامل في علاج مئات المرضى. المستشفي مليئة بالمرضى المصابين بوباء ظهر وانتشر في العشرينيات الثبات العميق، بشر على قيد الحياة بتتحرك، تتنفس، تاكل وتشرب، لكنهم فاقدين القدرة على التحكم الارادى في اعضاء جسدهم، بيتكلم بصعوبة زى الاطفال من الصعب فهمهم، اعضائهم بتتحرك طوال الوقت فى حركات عفوائية غريبة، لينورد احد هؤلاء المرضى اصيب المرض وهو في شاب، دخل المستشفى من 30 سنة ومازال على تلك الحالة، الاطباء مش عارفين اية اللى بيدور في عقلة، ما حدش عارف ان كان فى اى شئ بيدور في عقلة! .. الاطباء فقدوا الامل في علاج المرضي اللى على تلك الحالة، وبقت مهمة المصحة ابقائهم على قيد الحياة! .. في بداية تعاملك مع المرضى بتكتشف انهم قادرين على الاستجابة لبعض المخفزات والتحكم احيانا في عضلاتهم، مثلا التقاط كرة بتقذها ناحيتهم، او لما بتلمس ايديهم رعشات بتسرى في جسدهم، والمفاجأة لما لينورد بيحاول بصعوبة بالغة يكتب أسمة على ورقة في منتصف الليل قدامك! .. بعد حضورك محاضرة علمية عن عقار L-Dopa الجديد وآثرة الاولية الناجحة في علاج مرضى الشلل الرعاش، بتكون فرضية ان العقار من الممكن ان يكون له تأثير في حالة المرضى بتوعك. بتعرض  فرضيتك زملائك في المستشفى ومُلاحظتك الاولي بان المرضى مازالوا واعين لكنهم غير قادرين على التحكم في عضلاتهم والمخ ليس في حالة ثبات كما كان الاعتقاد الشائع، لكنهم ضحايا حالة متأخرة من مرض الشلل الرعاش، والازدياد الشديد في اشارات التحكم في الحركة من المخ بتشوش على بعضها، فبتجعلهم فى حالة تشبة الثبات العميق، مش قادرين يتحركوا لان كل اعضائهم بتحاول تتحرك في نفس الوقت، والمخ غير قادر على تحديد الحركة المناسبة. زملائك بيرفضوا نظريتك، وبيعتبروها نوع من المبالغة و التخيل في وصف الحالة لان لاتوجد ادلة كافية على طرحك. لكن شئ ما بداخلك بيأكد لك انك على الصواب. بتجرى تجربة على لينورد بتعطية فية عينة كبيرة من العقار لاعتقادك ان حالتة متأخرة من الشلل الرعاش، .. النتائج فاقت كل توقعات، لينورد صحى من حالة الثبات والشلل اللى كان عليها. وبدأ في الكلام والتحكم في اعضائة زى باقي البشر الطبيعية! .. النجاح الكبير في حالة لينورد اعطاك دافع لطلب دعم مادى من ادارة المستشفي لطبيق العقار على مجموعة اخرى من المرضى، تكلفة العقار مرتفعة وادارة المستشفي اللى مازالت متشككة في نظريتك بترفض في بداية الامر، الا ان بعد ما بيشوفوا الممرضات والاطباء الاخرين بيتبرعوا بجزء من دخلهم لتوفير العقار، بتقرر دعمك المادى. لينورد بيبدأ في التأقلم مع حياتة الجديدة، بيتكلم، بيقرأ الجرائد، بيحاول يحصل قدر المستطاع اللى فاتة في الثلاثين عام السابقة، بيخرج تحت اشرافك من المستشفي يقابل البشر في الشوارع، يركب الاوتبيسات، بيزور بيتك، بيعوم في البحيرة. عينيك بتدمع وانت بتشوف لينورد بيتولد من جديد بيستمع بالاشياء البسيطة المتوفرة لكل الشر ونسيوا معجزة الحياة اللى بتحصل امامهم كل يوم! .. لينورد بيقابل بنت احد المرضى بتزور ابوها في المستشفي، بيتعرف على مشاعر الحب للمرة الاولي في حياتة! .. الحب والامل في الحياة بيدفعوة للرغبة في كسر القيود الموضوعة علية، بيطلب الخروج من المستشفي لانة شايف انه مش مسجون، ومش خطر على احد الان. ادارة المستشفي بترفض لانها مازالت متشككة في علاجة وشفائة التام. لينورد بيغضب بسبب القرار، بتبدأ تلاحظ ظهور حركات عفوائية جديدة بسيطة فى تصرفات لينورد غير قادر على التحكم فيها. السعادة بنجاح العقار بتبدأ في التراجع مع ازدياد الحركات العفوائية عن لينورد، يبدو ان تأثير العقار كان مؤقت، صحوة لينورد الاولي، بدأت تظهر تبعيتها المخيبة للآمال. لينورد بدأ يتخبط في حركتة، ويتعلثم في الكلام، والمرضى الاخرون اللى اخذوا العقار بدأوا يشفوا حالتة بتتدهور وبسألوك ان كان المرض هيرجع لهم تاني! .. لينورد بيحاول يقاوم الرعشات والحركات العفوائية، بيطلب منك انك تصور تطور حالتة وتسجلها علشان تساعد البحث المستقبلي اللى من الجائز يساعد الاخرين المصابين بنفس الحالة. في مقابلتة الاخيرة مع حبيبتة لينورد بيطلب منها انها ماتزروش تاني بعد تردى حالتة، بيحاول بصعوبة بالغة يسطير على عضلاتة علشان يقف ويسلم عليها، لكنه مش قادر يفك اصابعة ايدية من ايديها، بتحط ايده حوالين وسطها وبتساعدة يرقص معاها في هدوء وسكينة للمرة الاخيرة. لينورد بيعود لحالة الثبات العميق مرة اخرى فاقد القدرة على الكلام والحركة الطبيعية، والمرضى الاخرون تباعا واحد بعد الاخر. بتلقي محاضرة امام المجتمع العلمى وادارة المستشفى بتقول فيها بالرغم من ان الصحوة كانت مؤقتة ولم تستمر، الا انك تعلمت منها اننا يجب ان نقدر نعمة الحياة،  من الممكن اننا نقول ان العقار فشل، او ان المرض عاد، او ان المرضى فقدوا قدرتهم على التكيف مع الحياة الطبيعية، لكن الواقع اننا لانعلم على وجهة اليقين ماذا جعلهن يتعافون في البداية او ماذا جعل المرض يعود مرة أخرى! .. لكن ما نعلم هو ان بالرغم من ان صحوة العقار انتهت، لا ان صحوة اخرى حلت مكانها، النفس البشرية اقوى من اى عقار، وهذة هى المنحة التى يجب ان نرعها، بالعلم، اللعب، الصداقة، والاسرة .. تلك هى الاشياء المهمة التى نسيناها .. الاشياء البسيطة .. معنى الحياة!

MV5BMGVmYzA0OGEtOWQ2MS00ZTEyLWJkODctZjM5MzY3YmEwNzhlL2ltYWdlL2ltYWdlXkEyXkFqcGdeQXVyNDAxOTExNTM@._V1_.jpg

Continue reading