EP34: The Problem of Existence in Islamic Philosophy إشكالية الوجود فى الفلسفة الاسلامية

EP34: The Problem of Existence in Islamic Philosophy إشكاليةالوجود فى الفلسفة الاسلامية

تخيل انك واقف فى ساحة جامع قرطبة الرحبة، الزخارف القرمزية بتغطى اعمدة البهو الرخام، والارضية المرمر بتنعكس عليها اضواء النهار فى تناغم سرمدى بديع! بتتجول بين أروقة المسجد واصوات البلابل والعصافير بتنشد لحن بديع عزب بتغمر وجدانك! بتتأمل أقواس البهو الهندسية مستوية فوق الاعمدة فى الاروقة على شكل حدوة فرس .. بتسمع صوت حوار بين مجموعة من الرجال بيتردد من بعيد فى صحن المسجد، بتعبر القنوات اللى بتحمل المياة لسقايات المسجد، قبل ما تلمح عينك واجهة محراب المسجد بترصعها اية (ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) .. بتلمح حكيم قرطبة الفيلسوف والطبيب والفقية وقاضى الاندلس أبو الوليد محمد ابن رشد قاعد على شلتة كبيرة ومتأكى بدراعة على صف من الكتب، بيستمع لرجل جالس قبالة، بتلف بسرعة من وراء اعمدة الاروقة علشان تكون فى زاوية رؤية افضل تقدر تشوف منها الشخص الاخر، هتشوف على الجانب الاخر المقابل لأبن رشد حجة الاسلام الامام أبو حامد محمد الغزالى، قاعد على شلتة كبيرة وبين ايدية لفائف ورقية صفراء، خط على جانبها “تهافت الفلاسفة” .. هتسمعة بيقول “يا أبا حامد، والله ما دفعنى الى تأليف هذا الكتاب اننى رأيت طائفة يعتقدون فى أنفسهم التميز عن الاتراب، والنظراء بمزيد الفطنة والذكاء، وقد رفضوا وظائف الاسلام، واستحقروا شعائر الدين واستهانوا بتعبدات الشرع وحدودة بفنون من الطنون يتبعون فى رهطا يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا ولا مستند لضلالهم الا تقليد سماعى وان مصدر ضلالهم سمعاهم اسماء هائلة كسقراط وأفلاطون، وارسطو وامثالهم فلما رأيت هذا العرق من الحماقة انتدبت لتحرير هذا الكتاب” .. هتبص لحكيم قرطبة وهو بيعتدل فى مجلسة وبيهذب شعر لحيتة بأيدة، وبيسحب مجموعة من اللفافات الورقية من جانبة وبيضعها امامة مكتوب جانبها “تهافت التهافت“، قبل ما يقول “يا أباحامد ما كان لكتابك تهافت الفلاسفة من آثار على أذهان الناس جعلهم ينقسمون لفريقين بين رافض مهاجم للفلسفة ومحب متعلق بها! لذا كان الغرض من قولنا فى تهافت التهافت ان نبين مراتب الاقاويل المثبتة فى كتابك فى الاقناع والتصديق وقصور أكثرها عن رتبة اليقين والبرهان. و والله اقوايل الاوائل من أمثال أرسطو وافلاطون التى اشرت اليها لأنها اقوايل الصدق واليقين البرهانية الجدلية، اما اقواليك لهى أقوايل السفسطائية، الخطابية، الشعرية! .. هتشوف ملامح الضجر على وجهة حجة الاسلام، اللى هيعتدل فى وضع تحفز ويقول “والله ان اقوايل الفلاسفة ماهى الا الكفر والضلال، أما الحق والشرع جانب قولنا بأذن الله، الم تسمع يا أبا الوليد بما قالوا عن قدم العالم، وإنة يستحيل صدور حادث عن قديم مطلق، وهو والله لضلال مبين، بما ينكرون على من يقول إن العالم حدث بإرادة قديمة أقتضت وجودة فى الاوان الذى وجد فية؟ وأن يستمر العدم الى الغاية التى استمر عليها، وأن يبتدأ الوجود من حيث ابتدأ،  وان الوجود قبلة لم يكن مرادا فلم يحدث، وإنه فى وقتة الذى حدث فيه مراد بالارادة القديمة قد حدث، فما المانع لهذا الاعتقاد؟ وما المحيل له؟ .. هتسمع ابن رشد بيقول “يا أبا حامد، الحادث موجب أو مسبب .. واستحال وجود موجب قد تم شرائط ايجابة واسبابة واركانة، ثم يتأخر! ثم ان الارادة هى قوة فيها امكان فعل احد المتقابلين على السواء، فهى ارادة الفاعل الى فعل اذا فعلة كف الشوق وحصل المراد. اما الارادة الازلية فلاترتفع بحضور المراد” .. هيرد الغزالى “وهل تعرف استحالة ارادة قديمة متعلقة باحداث شئ بالعقل ام بالضرورة؟ ان ادعيت معرفتها بالعقل يا ابا الوليد فأتنى ببرهانك! وان قلت بالضرورة فكيف لم أشاركك فى معرفتك؟ ومخالفيك فى الامر كثر والله!” .. هيبتسم ابن رشد ويقول “تلك هى ركاكة الاقناع وضعف الحجة التى اشرت اليه فى مقدمتى يا ابا حامد، ليس كل ماهو مدرك بمعرفة اولية ضرورية يعترف به جميع الناس، لانه ليس من شروط المعروف بنفسة ان يعترف به جميع الناس، انه ليس اكثر من كونة مشهورا ولا يلزم ماكان مشهورا ان يكون معروفا بنفسة، والفلاسفة لم بدعوا امتناع تراخى المفعول عن الفاعل دون برهان، أنتم الاشعرية هم الذين لا برهان لديهم عن تراخى المفعول عن الفاعل!” .. هيرد الامام الغزالى بسرعة ” يا أبا الوليد جانب الحق! إنهم يجوزون وجوب أسباب لا نهاية لها، فيلزم عنة وجود مسبب من غير سبب، ومتحرك من غير محرك!” .. هيرد ابن رشد “صدقت فى امر واخطأت فى امر يا اباحامد .. صدقت حين قلت ان كل ما خارج النفس او فى النفس بالفعل له مبدأ ونهاية، اما ماكان موجودا بالقوة اى ليس له مبدأ ونهاية لايصدق علية انه ابتدأ او انقضى، ولما كان الله محركا ازليا لا ابتداء لوجودة ولا انتهاء، كان فعلة غير متراخٍ عن وجودة ولزم ان لا يكون لفعلة مبدأ” .. هيعترض الامام الغزالى ويقول “يقولون يستحيل تقدم الله على العالم بالزمان لان الزمان مقدار الحركة، والحركة تحتاج لمحرك كى توجد، ونقول إن الزمان حادث مخلوق وليس قبلة زمان أصلا ويعنى قولنا إن الله متقدم على العالم والزمان، أنه كان ولاعالم ولازمان، قم كان الله ومعه عالم وزمان! ” .. هتشوف ابن رشد بيهز رأسة بالنفى ويقول “أخطأوا واخطأت يا ابا حامد لقة تحصيلكم مذهب القدماء، الوجود اما متحرك لا ينفك عن الزمان معلوم بالحس والعقل، واما وجود ليس من طبيعتة الحركة، وهذا ازلى لا يتصف بالزمان، اذن وجب تقدم أحد الموجودين اى الله على العالم لكنه ليس تقدما زمانيا ولاتقدم العلة على المعلول لانهما من طبيعة الموجود المتحرك، فالتقدم لا بالذات ولا بالزمان، لكنه تقدم ثالث” .. هتلاحظ ان الامام الغزالى بدأ يتملل فى جلستة، هيعتدل مرة تانية ويقول “يقولون ان لكل حادث لابد من مادة تسبقة لا يستغنى عنها، والإمكان يستدعى شيئا يقوم به وهو المحل القابل للشئ الممكن، والمادة غير حادثة لانها لو كانت حادثة لأحتاجب الى مادة وتسلسل الامر الى غير نهاية! .. ونقول ان الامكان يرجع الى قضاء العقل، وكل ما قدر العقل وجودة ولم يمتنع سميناة ممكناً، وأذا امتنع سميناة مستحيلاً، وإن لم يقدر على تقدير عدمة سميناة واجباً! هذة قضايا عقلية لاتحتاج الى موجود حتى تجعل وصفا له” .. هيرد قاضى قرطبة “لا يا أبا حامد هذا والله قولا سفسطائيا، الامكان يستدعى شيئا او مادة موجودة، والممتنع كالممكن لابد له من موضوع، ورد الامكان لقضاء العقل محال، فالاقتناع وصف إضافى يستدعى موجودا يضاف اليه، وكون السواد فى نفسة ممكنا لانه اذا اخذ مجردا دون محل يحلة كان ممتنعا لا ممكنا، انما يصير ممكنا اذا قدر له هيئة فى جسم” .. هيحاول يرد الامام الغزالى،لكنه هيقاطعة ابن رشد ويقول “لقد اتفقتم يا أبا حامد انتم متكلمى الاشاعرة والفلاسفة على وجود الله الذى لم يوجد عن شئ ولا من شئ بدون علة ولا مادة او زمان، ووجود الاجسام التى ندركها بالحس والعقل واسميموها محدثاً، لكنكم اختلفتم فى تسمية الواسطة بين هذين الموجودين،العالم الذى اوجدة الله، اخذ شبها من الوجود الكائن الحادث ومن الوجود القديم، وهو الله لا محدثا حقيقا ولا قديما حقيقا!” .. هتسمع صوت نداء الاذان بتردد من مآذنة المسجد، قبل ما يقوم قاضى قرطبة من مجلسة ويدعو حجة الاسلام “هلم بنا يا أبا حامد وجبت صلاة العصر”!

ibn_zuhr_01_0.jpg

Continue reading