EP54: Bayesian Epistemic Revolution ثورة المعرفة البايزية

Featured

“اهداء الى ذكرى المُعلم الأول والأب الروحي .. أ. فتحي ابو الروس”

تخيل انك مهندس بحريات، متخصص في البحث عن السفن الغارقة في أعماق المحيطات. من سنوات فكرة واحدة مسيطرة على عقلك، العثور على أكبر كنز غارق في المحيط! السفينة الامريكية The SS Central America غرقت في اعماق المحيط الهادي في إعصار شديد سنة 1857 فى رحلة عودتها من بنما الى مدينة نيويورك وعلى متنها 14 ألف كيلوجرام من الذهب الخام المستخرج من عمليات التنقيب، ومئات الضحايا من الركاب. العثور على السفينة الغارقة من أكثر من 150 سنة أصبح شغلك الشاغل. بدأت رحلة بحثك عن طاقم عمل يدعمك في عملية البحث الصعبة. بتبدأ بجارك وصديقك اللى كان متخصص في دراسة تاريخ الرحلات البحرية. اللي يتحمس للفكرة بشدة وعكف على جمع ودراسة كافة شهادات أفراد الطاقم والركاب الناجون، عن موقع السفينة، سرعة الرياح، ارتفاع الموج، وتوقيت العاصفة. على الجانب الآخر بتبدأ بطرح فكرتك على الأثرياء بحثا عن تمويل لمشروعك الضخم والصعب في نفس الوقت. السؤال المحير كيف ستبحث عن سفينة عن غارقة من عشرات السنوات في محيط واسع بُبناء على مجموعة من شهادات النجاة في أحسن الحالات غير دقيقة ان لم تكن خاطئة تماما. صديقك وضع مصفوفة لجميع البيانات المتواترة في شهادات الناجين. لكنكم لم تكونوا كباقي المنقبين عن الذهب في أعماق البحار،  مجرد هواة تبحثوا عن الثراء السريع، طريقتكم كانت علمية. بدأتم في البحث عن متخصصين في وضع خوارزميات البحث عن المفقودات بناء على كميات ضخمة من المعلومات. بتتصلوا بلارى أحد العلماء الذين كان لهم يد في تطوير خوارزمية العثور على القنبلة الهيدروجينية المفقودة. بيوافق على العمل معكم في البحث على السفينة المفقودة. بتُحيط عملية البحث بسرية كبيرة تجنبا لتسرب الاخبار ومحاولة الآخرين منافستك في العثور على الكنز المفقود. لما بتبدى شكك في دقة المعلومات المجموعة من الشهادات، لارى بيأكد لك ان كل البيانات مهمة طالما اضفنا لها قيمة بتمثل الثقة في صحتها. ويبدأ في تكوين خريطة بايزية احتمالية باستخدام خطة بحث قائمة على نظرية بايز للاحتمالات. كل معلومة جديدة من شهادات الناجين تحدث القيمة المبدئية لاحتمال موقع السفينة، وهكذا في متوالية بايزية متراكمة للتنبؤ بموقع السفينة. لارى بيضع نموذج بايزي بناء على جميع المتغيرات التي من الممكن أن يكون لها تأثير في التنبؤ بموقع السفينة الغارقة من شهادات الناجين. صديقك كان بمثابة عميل جمع البيانات، تنظيمها، وترتيبها بطريقة من الممكن لنموذج لارى البايزي أن يستوعبها ويتعامل معها. أما لارى كان عميل تحليل البيانات باستخدام خوارزميات البحث البايزي الاحتمالية. نموذج لارى الاحتمالي قادة لوضع 3 فرضيات رئيسية عن موقع غرق السفينة. لارى استخدم نظرية بايز الاحتمالات لوضع طريقة من الممكن اتباعها للبحث عن السفينة الغارقة في المساحة الشاسعة التي غطتها جميع البيانات.  بدأت مع فريق البحث باستخدام غواصة من الممكن التحكم فيها عن بعد بالبحث في المناطق ذات الاحتمالية الاعلى اللى حددتها خوارزمية بوب، وتدريجيا تتحرك حلزونيا تجاه المناطق ذات الاحتمالية الأقل. عملية البحث كانت بطيئة وبدت غريبة لطاقم السفينة معاك لانها تتحرك في خطوط عجيبة وفي كثير من الأحيان عكس الموج، لكنك اصرت على اتباع نموذج لارى الاحتمالي بكل دقة. في البداية بتعثورا على سفينة في المنطقة ذات الاحتمالية الأعلى، لكن بعد بحثها بتكتشفوا أنها سفينة أخرى، البعض بدأ يتشكك في قدرتك على العثور على السفينة لكنك مصمم على اتباع نموذج لارى الاحتمالي بدقة حتى تغطى رقعة البحث بالكامل. بالفعل في احد المناطق على خريطة البحث بتظهر السفينة المفقودة ساكنة في أعماق المحيط. تبدأوا في عملية استخراج حطام السفينة المليئة السبائك والعملات الذهبية. لكن للأسف العثور على الذهب المفقود كان بداية المصاعب. شركات التأمين على السفينة المفقودة من عشرات السنين طاردتك في المحاكم القضائية مطالبة بحقها في الذهب مقابل التعويضات التي دفعتها لأهالي المفقودين والضحايا على السفينة، المستثمرين بيطالبوا بحقوقهم، و الديون بدأت تطاردك من كل جانب.  القضايا استمرت في المحاكم الفدرالية لعشرة سنوات، تضاعفت فيها أتعاب فريق الدفاع عنك لتصبح بالملايين، أصبحت مُحاصر من الجميع، المشروع الذى بدأ مشروع بحثي بدأ كالحلم وقتها، تحول الى كابوس بشع يطاردك في كل مكان .. حتى اختفيت عن الجميع ولم يعثر لك على أثر!

1715treasurefleet.jpg

Continue reading